فصل: الحديد في القرآن الكريم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الحديد في القرآن الكريم:

ورد ذكر الحديد في كتاب الله تعالى في ست آيات متفرقات علي النحو التالي:
(1) {قل كونوا حجارة أو حديدا} (الإسراء: 50).
(2) {آتوني زبر الحديد} (الكهف: 96).
(3) {ولهم مقامع من حديد} (الحج: 21).
(4) {وألنا له الحديد} (سبأ: 10).
(5) {لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} (ق: 22).
(6) {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس} (الحديد: 25).
وكلها تشير إلي عنصرالحديد ماعدا آية سورة ق والتي جاءت لفظة (حديد) فيها في مقام التشبيه للبصر بمعني أنه نافذ قوي يبصر به ما كان خفيا عنه في الدنيا.

.شروح المفسرين للآية الكريمة:

ذكر ابن كثير (يرحمه الله) في تفسير قول الحق تبارك وتعالى: {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس} أي وجعلنا الحديد رادعا لمن أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحي إليه السور المكية، وكلها جدال مع المشركين، وبيان وإيضاح للتوحيد، وبيناته ودلالاته، فلما قامت الحجة علي من خالف، شرع الله الهجرة، وأمرهم بالقتال بالسيوف وضرب الرقاب، وقد روي الإمام أحمد، عن ابن عمر قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتي يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار علي من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» ولهذا قال تعالى: (فيه بأس شديد) يعني السلاح كالسيوف والحراب والسنان ونحوها (ومنافع للناس) أي في معايشهم كالسكة والفأس والمنشار والآلات التي يستعان بها في الحراثة والحياكة والطبخ وغير ذلك.. وقوله تعالى: {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} أي من نيته في حمل السلاح نصرة لله ورسوله {إن الله قوي عزيز} أي هو قوي عزيز ينصر من نصره من غير احتياج منه إلي الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض.
وذكر صاحبا تفسير الجلالين (رحمهما الله) في تفسير هذه الآية الكريمة مانصه: لقد أرسلنا رسلنا الملائكة إلي الأنبياء (بالبينات) بالحجج القواطع {وأنزلنا معهم الكتاب} بمعني الكتب- و{الميزان} العدل، {ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد} أي أنشأناه، وخلقناه، لقوله تعالى: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} أي خلق، وقيل: أخرجناه من المعادن، {فيه بأس شديد} يعني السلاح، يقاتل به من أبي الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، {ومنافع للناس} في معايشهم كالفأس والمنشار وسائر الأدوات والآلات، {وليعلم الله} علم مشاهدة، معطوف على {ليقوم الناس} {من ينصره} بأن ينصر دينه بآلات الحرب من الحديد وغيره {ورسله بالغيب} حال من هاء {ينصره} أي غائبا عنهم في الدنيا، قال ابن عباس: ينصرونه ولايبصرونه {إن الله قوي عزيز} لاحاجة له إلي النصرة لكنها تنفع من يأتي بها.
وذكر صاحب الظلال (رحمه الله رحمة واسعة): وفي النهاية يجيء المقطع الأخير في السورة، يعرض باختصار خط سير الرسالة، وتاريخ هذه العقيدة من لدن نوح وإبراهيم، مقررا حقيقتها وغايتها في دنيا الناس، ملما بحال أهل الكتاب، وأتباع عيسي- عليه السلام- بصفة خاصة.. فالرسالة واحدة في جوهرها، جاء بها الرسل ومعهم البينات عليها، ومعظمهم جاء بالبينات الخوارق.. والنص يقول: {وأنزلنا معهم الكتاب} بوصفهم وحدة، وبوصف الكتاب وحدة كذلك، إشارة إلي وحدة الرسالة في جوهرها.
{والميزان}.. مع الكتاب، فكل الرسالات جاءت لتقر في الأرض، وفي حياة الناس ميزانا ثابتا ترجع إليه البشرية.. ميزانا لايحابي أحدا لأنه يزن بالحق الإلهي للجميع، ولايحيف علي أحد لأن الله رب الجميع. فلابد من ميزان ثابت يثوب إليه البشر.. {ليقوم الناس بالقسط}!
{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} والتعبير بـ {أنزلنا الحديد} كالتعبير في موضع آخر بقوله تعالى: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} كلاهما يشير إلي إرادة الله وتقديره في خلق الأشياء والأحداث... أنزل الله الحديد {فيه بأس شديد} وهو قوة الحرب والسلم {ومنافع للناس} وتكاد حضارة البشر القائمة الآن تقوم علي الحديد {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} وهي إشارة إلي الجهاد بالسلاح، تجيء في موضعها من السورة التي تتحدث عن بذل النفس والمال.
ولما تحدث عن الذين ينصرون الله ورسله بالغيب، عقب علي هذا بإيضاح معني نصرهم لله ورسله، فهو نصر لمنهجه ودعوته، أما الله سبحانه فلا يحتاج منهم إلي نصر: إن الله قوي عزيز..
وذكر صاحب- (صفوة البيان لمعاني القرآن):.. و{وأنزلنا الحديد} أي خلقناه لكم، كقوله تعالى: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} أي هيأناه لكم، وأنعمنا به عليكم، وعلمناكم استخراجه من الأرض وصنعته بإلهامنا، {فيه بأس شديد} أي فيه قوة وشدة، فمنه جنة وسلاح، وآلات للحرب وغيرها، وفي الآية إشارة إلي احتياج الكتاب والميزان إلي القائم بالسيف، ليحصل القيام بالقسط، {ومنافع للناس} في معاشهم ومصالحهم، وما من صنعة إلا والحديد آلتها، كما هو مشاهد، فالمنة به عظمي...
وقال صاحب (صفوة التفاسير): {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} أي وخلقنا وأوجدنا الحديد فيه باس شديد، لأن آلات الحرب تتخذ منه، كالدروع والرماح والتروس والدبابات وغير ذلك ومنافع للناس أي وفيه منافع كثيرة للناس كسكك الحراثة والسكين والفأس وغير ذلك، وما من صناعة إلا والحديد آلة فيها، قال أبوحيان: وعبر تعالى عن إيجاده بالإنزال كما قال: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} لأن الأوامر وجميع القضايا والأحكام لما كانت تلقي من السماء جعل الكل نزولا منها، وأراد بالحديد جنسه من المعادن قاله الجمهور.
وذكر أصحاب (المنتخب في تفسير القرآن الكريم) مانصه: لقد أرسلنا رسلنا الذين اصطفيناهم بالمعجزات القاطعة، وأنزلنا معهم الكتب المتضمنة للأحكام وشرائع الدين والميزان الذي يحقق الإنصاف في التعامل، ليتعامل الناس فيما بينهم بالعدل، وخلقنا الحديد فيه عذاب شديد في الحرب، ومنافع للناس في السلم، يستغلونه في التصنيع، لينتفعوا به في مصالحهم ومعايشهم، وليعلم الله من ينصر دينه، وينصر رسله غائبا عنهم إن الله قادربذاته، لايفتقر إلي عون أحد.
وجاءوا في الهامش ببعض من صفات الحديد وفوائده.
حديد الأرض في العلوم الكونية بينما لاتتعدي نسبة الحديد في شمسنا 0. 0037 فإن نسبته في التركيب الكيميائي لأرضنا تصل إلي 35، 9 من مجموع كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن، وعلي ذلك فإن كمية الحديد في الأرض تقدر بأكثر من ألفي مليون مليون مليون طنا، ويتركز الحديد في قلب الأرض، أو مايعرف باسم لب الأرض، وتصل نسبة الحديد فيه إلي 90 ونسبة النيكل (وهو من مجموعة الحديد) إلي 9 وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتي تصل إلي 5، 6 في قشرة الأرض.
وإلي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين لم يكن لأحد من العلماء إمكانية التصور (ولو من قبيل التخيل) أن هذا القدر الهائل من الحديد قد أنزل إلي الأرض من السماء إنزالا حقيقيا!!
كيف أنزل؟ وكيف تسني له اختراق الغلاف الصخري للأرض بهذه الكميات المذهلة؟ وكيف أمكنه الاستمرار في التحرك بداخل الأرض حتي وصل إلي لبها؟ وكيف شكل كلا من لب الأرض الصلب ولبها السائل علي هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل يحيط بها وشاح منصهر من نفس التركيب، ثم أخذت نسبته في التناقص باستمرار في اتجاه قشرة الأرض الصلبة؟
لذلك لجأ كل المفسرين للآية الكريمة التي نحن بصددها إلي تفسير {وأنزلنا الحديد} بمعني الخلق والإيجاد والتقدير والتسخير، لأنه لما كانت أوامر الله تعالى وأحكامه تلقي من السماء إلي الأرض جعل الكل نزولا منها، وهو صحيح، ولكن في أواخر القرن العشرين ثبت لعلماء الفلك والفيزياء، الفلكية أن الحديد لايتكون في الجزء المدرك من الكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر، والعماليق العظام، والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلي حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام، وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون فيدخل هذا الحديد بتقدير من الله في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني، وهي كومة من الرماد فاندفع إلي قلب تلك الكومة بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها، ومايزها إلي سبع أرضين!! وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا، بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا.
أولا: إنزال الحديد من السماء:
في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الإيدروجين هو أكثر العناصر شيوعا إذ يكون أكثر من 74 من مادة الكون المنظور، ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي 24 من مادة الكون المنظور، وأن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناء يكونان معا أكثر من 98 من مادة الجزء المدرك من الكون، بينما باقي العناصر المعروفة لنا وهي (103) عناصر تكون مجتمعة أقل من 2 من مادة الكون المنظور، وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج المنطقي أن أنوية غاز الإيدروجين هي لبنات بناء جميع العناصر المعروفة لنا وأنها جميعا قد تخلقت باندماج أنوية هذا الغاز البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تعرف باسم عملية الاندماج النووي تنطلق منها كميات هائلة من الحرارة،. وتتم بتسلسل من أخف العناصر إلي أعلاها وزنا ذريا وتعقيدا في البناء.
فشمسنا تتكون أساسا من غاز الإيدروجين الذي تندمج أنويته مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة هائلة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية، ويتحكم في هذا التفاعل (بقدرة الخالق العظيم) عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج، وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لبها، وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجيا، وبازديادها ينتقل التفاعل إلي المرحلة التالية التي تندمج فيها نوي ذرات الهيليوم مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الكربون 12، ثم الأوكسجين 16 ثم النيون 20، وهكذا.
وفي نجم عادي مثل شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية، وتزداد هذه الحرارة تدريجيا في اتجاه مركز الشمس حتي تصل إلي حوالي 15 مليون درجة مئوية، يقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الإيدروجين الشمسي تقريبا إلي الهيليوم فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل إلي مائة مليون درجة مئوية، مما يدفع بنوي ذرات الهيليوم المتخلقة إلي الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلي في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كما أعلي من الطاقة، ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس إلي ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون إلي صوديوم ومغنيسيوم ونيون، ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية عناصر الألومنيوم، والسيليكون، والكبريت والفوسفور، والكلور، والأرجون، والبوتاسيوم، والكالسيوم علي التوالي، مع ارتفاع مطرد في درجة الحرارة حتي تصل إلي ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم إلي مجموعات التيتانيوم، والفاناديوم، والكروم، والمنجنيز والحديد (الحديد والكوبالت والنيكل) ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج إلي درجات حرارة مرتفعة جدا لاتتوافر إلا في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم تعرف باسم العماليق الحمر والعماليق العظام وهي مراحل توهج شديد في حياة النجوم، فإنها لاتتم في كل نجم من نجوم السماء، ولكن حين يتحول لب النجم إلي الحديد فانه يستهلك طاقة النجم بدلا من إضافة مزيد من الطاقة إليه، وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوي العناصر تماسكا، وهنا ينفجر النجم علي هيئة مايسمي باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم، وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج إلي هذا الحديد، تماما كما تصل النيازك الحديدية إلي أرضنا بملايين الأطنان في كل عام.
ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لاتتعدي 0. 0037 من كتلتها وهي أقل بكثير من نسبة الحديد في كل من الأرض والنيازك الحديدية التي تصل إليها من فسحة الكون، ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد إلي الحد الذي يمكنها من انتاج السيليكون، أو المغنيسيوم، فضلا عن الحديد، كان من البديهي استنتاج أن كلا من الأرض والشمس قد استمد ما به من حديد من مصدر خارجي عنه في فسحة الكون، وأن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوي كومة من الرماد المكون من العناصر الخفيفة، ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت إليها من السماء فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية فانصهرت بحرارة الاستقرار، وصهرت كومة الرماد ومايزنها إلي سبع أرضين: لب صلب علي هيئة كرة ضخمة من الحديد (90) والنيكل (9) وبعض العناصر الخفيفة من مثل الكبريت، والفوسفور، والكربون (1) يليه إلي الخارج، لب سائل له نفس التركيب الكيميائي تقريبا، ويكون لب الأرض الصلب والسائل معا حوالي 31 من مجموع كتلة الأرض، ويلي لب الأرض إلي الخارج وشاح الأرض المكون من ثلاثة نطق، ثم الغلاف الصخري للأرض، وهو مكون من نطاقين، وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتي تصل إلي 5، 6 في قشرة الأرض وهي النطاق الخارجي من غلاف الأرض الصخري.
من هنا ساد الاعتقاد بأن الحديد الموجود في الأرض والذي يشكل 35، 9 من كتلتها لابد وأنه قد تكون في داخل عدد من النجوم المستعرة من مثل العماليق الحمر، والعماليق العظام والتي انفجرت علي هيئة المستعرات العظام فتناثرت أشلاؤها في صفحة الكون ونزلت إلي الأرض علي هيئة وابل من النيازك الحديدية، وبذلك أصبح من الثابت علميا أن حديد الأرض قد أنزل إليها من السماء، وأن الحديد في مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل كذلك إليها من السماء، وهي حقيقة لم يتوصل العلماء إلي فهمها إلا في أواخر الخمسينيات، من القرن العشرين، وقد جاء ذكرها في سورة الحديد، ولايمكن لعاقل أن يتصور ورودها في القرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا علي نبي أمي صلى الله عليه وسلم وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين، يمكن أن يكون له من مصدر غير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن بعلمه، وأورد فيه مثل هذه الحقائق الكونية لتكون شاهدة إلي قيام الساعة بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق، وأن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوي {إن هو إلا وحي يوحي علمه شديد القوي}.
ثانيا: البأس الشديد للحديد:
الحديد عنصر فلزي عرفه القدماء، فيما عرفوا من الفلزات من مثل الذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، والقصدير والزئبق، وهو أكثر العناصر انتشارا في الأرض (35، 9) ويوجد أساسا في هيئة مركبات الحديد من مثل أكاسيد، وكربونات، وكبر يتيدات، وكبريتات وسيليكات ذلك العنصر، ولايوجد علي هيئة الحديد النقي إلا في النيازك الحديدية وفي جوف الأرض.
والحديد عنصر فلزي شديد البأس، وهو أكثر العناصر ثباتا وذلك لشدة تماسك مكونات النواة في ذرته التي تتكون من ستة وعشرين بروتونا، وثلاثين نيوترونا، وستة وعشرين إليكترونا، ولذلك تمتلك نواة ذرة الحديد أعلي قدر من طاقة التماسك بين جميع نوي العناصر الأخري، ولذا فهي تحتاج إلي كميات هائلة من الطاقة لتفتيتها أو للإضافة إليها.